“مراسلون بلا حدود” تنتقد وضع الصحافة في الجزائر

أوقات صعبة تمر بها الصحافة الجزائرية حسب منظمة “مراسلون بلا حدود” نتيجة الضغوط السياسية والمالية التي يمارسها النظام الجزائري عليها، إضافة إلى التهديدات بالقتل والسجن التي تطال بعض الصحفيين الذين ينتقدون نظام الرئيس بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 18 عاما.

تحت عنوان “اليد الخفية للنظام الجزائري تطال الإعلام”، أصدرت منظمة “مراسلون بلا حدود” التي تدافع عنحرية الصحافة في العالم تقريرا “مخيفا” عن وضع الإعلام في الجزائر، واصفة إياه بـ”الصعب” و”المتدهور” خاصة منذ إعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة على التوالي في أبريل/نيسانن 20144.

ويأتي نشر هذا التقرير المفصل بعد أسبوعين فقط من مقتل الصحفي والمدون الجزائري- البريطاني محمد تامالت الذي توفي في المستشفى بالعاصمة بعد إضراب عن الطعام بدأه منذ اعتقاله في حزيران/يونيو 2016 احتجاجا على حكم بسجنه عامين بتهمة “الإساءة إلى رئيس الجمهورية بعبارات السب والقذف” و”إهانة هيئة نظامية”، عن عمليات التعذيب التي قيل أنه تعرض لها.

للمزيد: الجزائر: صراع السلطة والصحافة!!

وفي حوار خاص مع فرانس 24، أكدت ياسمين كاشا، مديرة منظمة “مراسلون بلا حدود” في شمال أفريقيا أن وضع الصحافة في الجزائر في تدهور مستمر، مشيرة إلى أن وفاة الصحفي محمد تامالت في السجن ما هي إلا دليل إضافي عن غياب حرية الصحافة وحقوق الصحفيين في الجزائر وبشاعة النظام الذي أصبح يعامل الإعلاميين بالقوة والتعسف .

وأضافت :” لا يوجد هناك أي شك في إرادة النظام الجزائري إسكات جميع الصحف والمصادر الإعلامية الأخرى التي ترفض الرضوخ لإرادة بوتقليقة وحاشيته و تواصل انتقاد حصيلته السياسية والاقتصادية وتتحدث عن صحته”. “لقد وصلنا إلى مرحلة أصبحنا نتساءل فيها هل يمكن اليوم لصحيفة جزائرية ما أن تنتقد النظام دون أن تتعرض إلى متابعات قضائية أو إلى دفع غرامات مالية باهظة؟”.

هذا، وأحصت “مراسلون بلا حدود” عددا من الضغوطات التي تستخدمها السلطات الجزائرية من أجل القضاء على الجرائد المنتقدة للنظام ودفعها إلى غلق أبوابها نهائيا مثلما وقع للعديد من الجرائد والمؤسسات الإعلامية في السنوات القليلة الماضية.
وأشارت كاشا إلى أن سياسة “الخنق المالي” هي الوسيلة الأولى التي أصبح النظام الجزائري يطبقها من أجل إضعاف الصحف اقتصاديا وماليا. وضربت لذلك مثل جريدة الوطن الناطقة بالفرنسية وصحيفة الخبر اللتين فقدتا حسب قولها 50 بالمئة من دخلهما المالي لأنهما وقفتا ضد انتخاب بوتفليقة لعهدة رابعة.

“تامالت لم يمت في السجن بل اغتيل”

وقالت ياسمين كاشا في هذا الشأن: “منذ تولى حميد غرين منصب وزير الاتصال في 2014، أصبح يتصل شخصيا بالشركات الخاصة الوطنية والأجنبية ويطلب منها عدم الإشهار لمنتجاتها في صحيفة الوطن والخبر. والنتيجة أن هاتين الصحيفتين فقدتا 50 بالمئة من أرباحهما وأصبحتا تعانيان اليوم من مشاكل مالية عويصة قد تدفعهما إلى التوقف عن الصدور في مستقبل ليس بالبعيد”.

هذا ولم يستثن المجال السمعي والبصري من هذه الوضعية الرديئة بحسب تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود”، بل ثمة العديد من القنوات التلفزيونية التي تبث من الخارج لأن النظام يرفض أن يعطي لها الرخص الضرورية ويعتمدها بشكل رسمي.
فباستثناء خمس قنوات حسب “مراسلون بلا حدود”، وهي جزائر نيوز التي يملكها الرجل القوي والمستثمر علي حداد و”الهوغار تي في” وقناة النهار والشروق وقناة الجزائرية، فلا توجد قنوات أخرى تمكنت من الحصول على رخصة من أجل العمل بشكل شرعي في الجزائر وفتح مكاتب في جميع مدن البلاد.

للمزيد: الإعلام المستقل في الجزائر.. من يخاف من “الوطن”؟

وإلى ذلك، انتقدت المنظمة الأحكام القضائية التي تصدر في حق الصحافيين وتطرق السلطة بشكل أتوماتيكي إلى قانون الجنايات عندما يتعلق الأمر بملاحقة الصحفيين بالرغم من أن المادة 50 من الدستور الجزائري الجديد تضمن الحرية التامة للإعلام ولا تنص إطلاقا على إمكانية سجن الصحفيين في حالة القذف بل العقوبة تقتصر فقط على دفع غرامة مالية.
وتخشى مديرة “مراسلون بلا حدود” في شمال أفريقيا أن يتأزم وضع الصحافة الجزائرية أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في أبريل/نيسان 2017 ومع انخفاض أسعار النفط. فيما دعت إلى تحقيق محايد لكشف ملابسات مقتل الصحفي محمد تامالت وإلى إطلاق سراح صحفي آخر وهو حسن بوراس الذي يقبع في السجن منذ شهرين في مدينة البيض غرب الجزائر بتهمة “المساس بمؤسسات الدولة وبممثليها” حسب محاميه نورالدين أحمين.

هذا الأخير عبر عن خوفه من أن يعرف حسن بوراس نفس السيناريو الذي انتهى إليه محمد تامالت في السجن، داعيا السلطات القضائية الجزائرية إلى الإفراج عنه فورا.

وقال لفرانس24: “محمد تامالت لم يمت في السجن بل اغتيل”. مضيفا “السجون الجزائرية أصبحت خطرا على الصحفيين الجزائريين. أخشى على حياة حسن بوراس. يجب تحسيس الجميع في الجزائر وخارجها للضغط على النظام كي يطلق سراحه”.
من جهتها، أطلقت منظمة “مراسلون بلا حدود” على موقعها عريضة لجمع أكبر قدر من التوقيعات المساندة لحسن بوراس وللضغط على السلطات الجزائرية.

طاهر هاني